تدريبات إطاعة الأوامر لماذا ؟

 إن تدريب الكلب علي إطاعة الأوامر من أهم التدريبات التي يجب أن يخضع لها أي كلب طالما تقرر أن يكون هذا الكلب في خدمة الإنسان، سواء تم تدريب هذا الكلب لاحقًا على أداء عمل معين، أو كان الكلب مجرد حيوان مدلل يرافق الإنسان في حياته -رغم التحفظ على هذا – بغض النظر عن نوع أو حجم أو عمر الكلب، مع الأخذ في الاعتبار أن لكل قاعدة استثناء.

وهذه التدريبات لا تهدف إلى إجبار الكلب على أداء حركات تقهر إرادة الكلب أو تذله، أو حركات استعراضية كالتي نراها في السيرك، وهذه التدريبات تعني في المقام الأول بوضع العلاقة بين الكلب والإنسان في إطارها الصحيح، من أجل تحويل الكلب من حيوان بري إلي حيوان مستأنس يستطيع التعامل مع الحياة المدنية الحديثة التي  نعيشها ويتكيف معها تمامًا، فالكلب إذا لم يتأقلم مع هذه الحياة إما أن يؤذي نفسه أو غيره بسبب السلوك غير المنتظم، فماذا نتوقع من كلب عاش حياته كلها طليق في ريف أو برية أو حبيس معمل تجارب إذا ما وضع في خضم الحياة المعاصرة؟ وماذا سوف يفعل عندما يدخل منزل لأول مرة؟ أغلب الظن سوف يتبول في كل ركن ليحدد منطقة نفوذه، وسوف يكون المكان بالكامل متاح ليقضي حاجته، وهل سوف يجلس علي الكرسي أم علي الأريكة أم علي السرير؟ بما سوف يلعب بهاتف محمول أم بحذاء أم بسلك كهربائي؟ وكيف سوف يتعامل مع أول آلة تنبيه يسمعها؟ كيف سوف يلعب مع سيده؟ هل يقفز عليه ويداعبه ويعقر يده ويجذب ملابسه؟ ماذا سوف يفعل الكلب عندما يبتسم له الإنسان لأول مرة؟ هل يفهم معني الابتسامة؟ أم سوف يتعامل معها كإشارة تهديد، ويبادر برد فعل مناسب من وجهه نظره؟ وعندما نضع حول عنقه الطوق لأول مرة كيف سوف يتعامل معه؟ وعندما نأخذه للنزهة هل سيحاول عقر المقود the leash ؟ أم سيحاول جذبنا باستمرار للإمام، حتى يكاد يطرحنا أرضًا، أو حتى يصيبنا بالإرهاق من فرط الشد والجذب؟ وهل سوف يشعر بالخوف والذعر من المارة والسيارات وضوضاء المدينة بصفة عامة، أم سوف يبادر باتخاذ موقف عدائي للدفاع عن نفسه حيال ذلك الموقف العصيب الذي وجد نفسه فيه؟ وعندما يري كلب آخر هل يبادر بالهجوم أم بالهرب وما هو موقفه تجاه الحيوانات الأخرى كالهرة مثلًا؟

هل بعد كل هذا سوف نلقي باللوم على الكلب الذي تعامل مع المواقف السابقة بطريقة فطرية، فلم يبال أين يقضي حاجته؟ فتبول في كل ركن، وتبرز فوق الأريكة، ولطخ بعدها ملابسنا بأرجله، بل كاد يهاجمنا عند منا تبسمنا له فظهرت أسناننا؟ أم سوف نلقي باللوم على أنفسنا لأننا لم نحاول فهم ما هو الكلب؟ وكيف يفكر؟ وكيف نخاطبه؟ وكيف نفهم لغته؟ وفي النهاية كيف نؤهله ليكون مرافق مفيد لنا وفق معطيات الحياة المدنية الحديثة.

الإجابه عن هذا السؤال في مقالة قادمة
لواء دكتور/ مدحت الحريشي

2 Comments

Leave a reply